تقرير ماري ميكر للذكاء الاصطناعي 2025: تحولات غير مسبوقة في التكنولوجيا والاقتصاد وسوق العمل
جدول المحتويات
- مقدمة: عصر الذكاء الاصطناعي غير المسبوق
- التبني السريع للذكاء الاصطناعي: أرقام مذهلة وتوسع عالمي
- البنية التحتية للذكاء الاصطناعي: سباق الاستثمار الضخم
- اقتصاديات الذكاء الاصطناعي: تكاليف التدريب المرتفعة وتكاليف الاستدلال المتهاوية
- صراع الفلسفات: نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر مقابل مغلقة المصدر
- الصين: قوة صاعدة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي
- الذكاء الاصطناعي والعمل: تحول جذري في الإنتاجية والوظائف
- الذكاء الاصطناعي في العالم المادي: من البرمجيات إلى الواقع
- الموجة القادمة: مليارات المستخدمين الجدد “المعتمدين على الذكاء الاصطناعي أولاً”
- الدروس المستفادة والتوقعات المستقبلية
- دعوة للعمل
مقدمة: عصر الذكاء الاصطناعي غير المسبوق
في عام 2025، أصدرت ماري ميكر، الشخصية المؤثرة والشهيرة في عالم التكنولوجيا وقطاع رأس المال المغامر، تقريرها الشامل “اتجاهات الذكاء الاصطناعي” (Trends – Artificial Intelligence)، والذي يعد أول تحليل مفصل لها منذ عام 2019. يؤكد التقرير، المكون من 340 صفحة، على أن صعود الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تطور تكنولوجي آخر، بل هو تحول جذري وغير مسبوق في سرعته ونطاقه وتأثيره على الحضارة البشرية. وقد استخدمت ميكر كلمة “غير مسبوق” 51 مرة في تقريرها لتأكيد هذه النقطة المحورية 2].
تتمحور الرسالة الأساسية للتقرير حول فكرة أن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل كيفية إنجاز العمل، وكيفية نشر رأس المال، وكيفية تعريف القيادة عبر الشركات والدول على حد سواء . هذا التحول لا يقتصر على الابتكارات التقنية فحسب، بل يمتد ليشمل الديناميكيات الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية. يقدم هذا المقال تحليلاً معمقاً لمحاور التقرير الرئيسية، مستكشفاً التبني السريع للذكاء الاصطناعي، والاستثمارات الضخمة في بنيته التحتية، والديناميكيات الاقتصادية المتغيرة، والمنافسة العالمية، وتأثيره العميق على سوق العمل والعالم المادي، بالإضافة إلى التحديات والفرص المستقبلية التي يطرحها هذا العصر الجديد.
التبني السريع للذكاء الاصطناعي: أرقام مذهلة وتوسع عالمي
نمو المستخدمين غير المسبوق
يُظهر تقرير ميكر أن تبني الذكاء الاصطناعي يحدث بوتيرة لم يشهدها التاريخ البشري من قبل. فقد وصل ChatGPT إلى 800 مليون مستخدم أسبوعياً في 17 شهراً فقط، وهو إنجاز يتفوق بشكل كبير على Netflix التي استغرقت أكثر من 10 سنوات للوصول إلى 100 مليون مستخدم، أو تيك توك الذي حقق ذلك في 9 أشهر . بل وصل ChatGPT إلى 100 مليون مستخدم في أقل من ثلاثة أشهر، مقارنة بـ 2-4 سنوات لتطبيقات شهيرة مثل إنستغرام وواتساب ويوتيوب . بحلول أبريل 2025، كان ChatGPT يعالج أكثر من 365 مليار عملية بحث سنوياً، مما يجعله أسرع بـ 5.5 مرة من جوجل في الوصول إلى نفس الحجم، حيث استغرقت جوجل 11 عاماً لتحقيق ذلك . هذا النمو السريع لا يقتصر على عدد المستخدمين فحسب، بل يمتد إلى مستوى المشاركة، حيث تضاعف الاستخدام اليومي لـ ChatGPT بنسبة 202% خلال 21 شهراً، مع زيادة وقت الجلسة بنسبة 47% وعدد الجلسات اليومية بنسبة 106%، مما يشير إلى ما وصفه التقرير بـ “مستوى إدماني من المشاركة” .
الانتشار العالمي السريع
تجاوز انتشار الذكاء الاصطناعي الحدود الجغرافية بسرعة مذهلة. فقد كان 90% من مستخدمي ChatGPT خارج أمريكا الشمالية بحلول العام الثالث من إطلاقه، وهو معدل تبني عالمي أسرع بكثير من الإنترنت الذي استغرق 23 عاماً للوصول إلى نفس المستوى من الانتشار العالمي . وتبرز الهند كسوق حاسم للذكاء الاصطناعي، حيث تمثل 13.5% من مستخدمي تطبيق ChatGPT على الهاتف المحمول، متجاوزة الولايات المتحدة (8.9%) وألمانيا (3%)، كما أنها ثالث أكبر قاعدة مستخدمين (6.9%) لنموذج DeepSeek الصيني .
تأثير على الشركات التقليدية
هذا التبني العالمي السريع يعني أن شركات B2B و SaaS (البرمجيات كخدمة) تتنافس الآن في سوق عالمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي من اليوم الأول. هذا يوسع إجمالي السوق المتاح (TAM) ولكنه يزيد أيضاً من حدة المنافسة . وتظهر تداعيات هذا التحول على عمالقة التكنولوجيا التقليديين، فشهادة إيدي كيو من آبل تشير إلى انخفاض حجم البحث في متصفح سفاري (المدعوم بجوجل) لأول مرة منذ 22 عاماً، مما أدى إلى انخفاض أسهم ألفابت (الشركة الأم لجوجل) بنسبة 7.5% . هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ميزة إضافية، بل هو قوة تحويلية تعيد تعريف كيفية تفاعل المستخدمين مع المعلومات والخدمات.
يشير هذا النمو السريع إلى تحول نموذجي في تفاعل المستخدمين. فالذكاء الاصطناعي لا يمثل مجرد “تطبيق” آخر يضاف إلى قائمة التطبيقات، بل هو نقطة دخول جديدة تماماً إلى الإنترنت. ومع وجود 2.6 مليار شخص غير متصلين بالإنترنت حالياً، يتوقع التقرير أن هؤلاء المستخدمين الجدد سيأتون عبر واجهات الذكاء الاصطناعي أولاً، مع التركيز على التفاعلات الصوتية واللغوية الطبيعية . هذا يعني أنهم سيتجاوزون نماذج المتصفحات ومتاجر التطبيقات التقليدية التي شكلت تجربة الإنترنت لعقود. هذا التحول يهدد هيمنة المنصات القديمة مثل جوجل، ويخلق ساحة معركة جديدة تماماً لاكتساب المستخدمين، حيث ستفوز الشركات التي تتبنى هذا التوجه “الذكاء الاصطناعي أولاً” في تصميم منتجاتها وخدماتها.
كما أن هذا التطور يوضح تآكل “الخندق” التنافسي الذي بنته الشركات العملاقة على مدى عقود. فنمو ChatGPT السريع الذي يؤثر على حجم البحث في جوجل ليس مجرد منافسة، بل هو تحول هيكلي. يؤكد تقرير ميكر أن الذكاء الاصطناعي “مركب” على البنية التحتية للإنترنت، مما يتيح تبنياً سريعاً للخدمات واسعة الانتشار وسهلة الاستخدام . هذا يعني أن البيانات الرقمية الهائلة المتاحة حالياً والبنية التحتية العالمية تجعل من السهل على الوافدين الجدد الذين يركزون على الذكاء الاصطناعي تحقيق اختراق سريع دون الحاجة إلى بناء كل شيء من الصفر. لقد أصبحت السرعة هي الميزة التنافسية الجديدة، وأي شركة لا تتكيف بسرعة مع هذا الواقع تخاطر بفقدان حصتها السوقية أمام المنافسين الذين يستغلون قوة الذكاء الاصطناعي لتقديم منتجات وخدمات أسرع وأكثر كفاءة.
مقارنة سرعة تبني التقنيات الرئيسية
التقنية | الوقت للوصول إلى 100 مليون مستخدم (بالأشهر/السنوات) | الوقت للوصول إلى 50% من الأسر الأمريكية (بالسنوات) |
---|---|---|
ChatGPT | أقل من 3 أشهر | 3 سنوات |
تيك توك | 9 أشهر | غير متوفر |
إنستغرام | 2.5 سنة | غير متوفر |
واتساب | 2-4 سنوات | غير متوفر |
يوتيوب | 2-4 سنوات | غير متوفر |
الإنترنت | غير متوفر | 23 سنة (للوصول إلى 90% من المستخدمين خارج أمريكا الشمالية)/ 12 سنة (للوصول إلى 50% من الأسر الأمريكية) |
الهاتف المحمول | غير متوفر | 6 سنوات |
البنية التحتية للذكاء الاصطناعي: سباق الاستثمار الضخم
الإنفاق الرأسمالي الهائل
إن النمو غير المسبوق في تبني الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية الأساسية. يشير التقرير إلى أن الإنفاق الرأسمالي للشركات التكنولوجية الست الكبرى يبلغ 212 مليار دولار سنوياً، بنمو 63% على أساس سنوي. وقد تجاوزت النفقات الرأسمالية المجمعة لأكبر ست شركات تكنولوجية أمريكية 200 مليار دولار في عام 2024 . وتوضح الأمثلة الفردية حجم هذا الاستثمار: أعمال مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي تبلغ 13 مليار دولار (نمو 175% على أساس سنوي)، وإيرادات مراكز بيانات NVIDIA تبلغ 39 مليار دولار فصلياً (نمو 78% على أساس سنوي) . كما أن الإنفاق الرأسمالي لـ Amazon AWS يمثل 49% من الإيرادات، مقارنة بـ 4% فقط خلال مرحلة بناء السحابة الأولية، مما يشير إلى استثمار هائل وغير مسبوق في البنية التحتية. وتبرز سرعة هذا البناء في قدرة xAI على بناء مركز بيانات بسعة 200 ألف وحدة معالجة رسومية (GPU) في 122 يوماً فقط .
سباق عالمي على البنية التحتية
لقد أصبح الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي القوية، بما في ذلك وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) والرقائق ومراكز البيانات، منافسة عالمية حادة، يشبهها التقرير بـ “سباق الفضاء” خلال الحرب الباردة . حالياً، تحتل الولايات المتحدة الصدارة في هذا السباق، مدعومة بريادة الأعمال ورأس المال والتبني السريع من قبل المستهلكين والأعمال، مما يعزز هذه القيادة بحجم الاستعلامات والبيانات المتولدة .
التحديات البيئية
مع هذا النمو الهائل، تبرز تحديات بيئية كبيرة. فمراكز البيانات تستهلك حالياً 1.5% من الكهرباء العالمية وتنمو بنسبة 12% سنوياً، وهو أسرع بأربع مرات من إجمالي استهلاك الكهرباء . هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد “سحابة 2.0″، بل هو أكبر عملية بناء للبنية التحتية في تاريخ التكنولوجيا. فالشركات لا تستثمر فقط في تحسين منتجاتها الحالية، بل في بناء أساس جديد تماماً، طبقة حوسبة جديدة ستدعم الجيل القادم من التطبيقات والخدمات. هذا التحول الهيكلي في كيفية بناء وتشغيل الأعمال الرقمية يخلق فرصاً هائلة للشركات التي يمكنها الاستفادة من هذه القدرة الحاسوبية الضخمة.
بالإضافة إلى ذلك، مع تصاعد استهلاك الطاقة، ستصبح تكاليف الطاقة عاملاً حاسماً في اقتصاديات تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. قد تؤثر هذه التكاليف أيضاً على اللوائح الحكومية والقبول العام للذكاء الاصطناعي. وبالتالي، فإن الشركات التي تبتكر حلولاً أكثر كفاءة في استخدام الطاقة أو تستثمر في مصادر طاقة متجددة لمراكز بياناتها قد تكتسب ميزة تنافسية كبيرة على المدى الطويل، ليس فقط من حيث التكلفة ولكن أيضاً من حيث الاستدامة والسمعة. هذا يجعل الاستدامة عاملًا تنافسيًا مستقبليًا لا يمكن تجاهله في سباق الذكاء الاصطناعي.
اقتصاديات الذكاء الاصطناعي: تكاليف التدريب المرتفعة وتكاليف الاستدلال المتهاوية
ديناميكية التكلفة المتناقضة
يُبرز تقرير ميكر ديناميكية اقتصادية متناقضة في مجال الذكاء الاصطناعي. فبينما انخفضت تكاليف الاستدلال (Inference costs) – أي تكلفة تشغيل النموذج بعد تدريبه – بنسبة 99.7% في عامين فقط (من نوفمبر 2022 إلى ديسمبر 2024)، أصبحت وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) من NVIDIA أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بمقدار 105,000 مرة لكل رمز (مقارنة بين 2014 و 2024) . في المقابل، ترتفع تكاليف تدريب النماذج الرائدة بشكل جنوني، حيث تتراوح حالياً من 100 مليون دولار وتتجه نحو 10 مليارات دولار فأكثر . وقد ارتفعت تكاليف تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة بمقدار 2400 ضعف خلال السنوات الثماني الماضية .
تأثير على نماذج تحقيق الدخل والتقييمات
تثير هذه الديناميكية تساؤلات حول نماذج تحقيق الدخل والتقييمات الحالية. فقد جمعت شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة مثل OpenAI و Anthropic و xAI أكثر من 95 مليار دولار من رأس المال، لكن إيراداتها السنوية المجمعة تبلغ 12 مليار دولار فقط، مما يشير إلى حرق نقدي هائل . ومع ذلك، فإن تقييمات السوق الخاصة لهذه الشركات مرتفعة للغاية؛ على سبيل المثال، OpenAI بتقييم 300 مليار دولار على إيرادات 9.2 مليار دولار . يرى التقرير أن نموذج العمل “في حالة تغير مستمر”، حيث تشبه النماذج العامة “أعمال السلع الأساسية مع حرق رأسمالي كبير” . هذا الوضع يعكس دورات تكنولوجية سابقة حيث عانت شركات مثل أمازون وتسلا وأوبر من حرق نقدي كبير قبل تحقيق الربحية الهائلة .
إن هذا التباين بين تكاليف التدريب المتصاعدة وتكاليف الاستدلال المتهاوية يؤدي إلى ضغط تسعيري هائل على مزودي النماذج. فعندما تصبح تكلفة تشغيل النموذج (الاستدلال) رخيصة جداً، تنتقل القيمة من امتلاك النموذج نفسه إلى التطبيقات التي تستخدمه. هذا يعني أن الشركات الناشئة وشركات SaaS يجب أن تركز على البيانات والعمليات الخاصة بها لخلق قوة تسعير، لأن نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية ستصبح سلعاً أساسية. ونتيجة لذلك، ينتقل الابتكار بشكل متزايد إلى طبقة التطبيق، وليس طبقة النموذج الأساسي.
في ظل هذه التقييمات العالية جداً للشركات مقابل حرق نقدي كبير وإيرادات منخفضة نسبياً، تثار تساؤلات حول استدامة هذه التقييمات. يشير التقرير إلى أن “الربحية لا تزال بعيدة المنال” للعديد من شركات نماذج الذكاء الاصطناعي . إذا استمرت تكاليف التدريب في الارتفاع وتكاليف الاستدلال في الانخفاض، مع المنافسة المتزايدة (خاصة من المصادر المفتوحة)، فقد يكون من الصعب تحقيق ربحية مستدامة لشركات النماذج الأساسية. هذا يخلق بيئة عالية المخاطر للمستثمرين، حيث يجب عليهم تبني نهج المحفظة والاستعداد لخسارة الاستثمارات، على غرار الدورات التكنولوجية السابقة التي شهدت “هزات” كبيرة قبل ظهور الفائزين. هذا يعني أن السوق قد يشهد تصحيحاً كبيراً، وأن النجاح طويل الأجل سيتطلب أكثر من مجرد التكنولوجيا المتطورة.
ديناميكيات تكاليف نماذج الذكاء الاصطناعي
نوع التكلفة | الاتجاه | نسبة التغيير | الفترة الزمنية | أمثلة على التكلفة/الكفاءة |
---|---|---|---|---|
تكاليف التدريب | ارتفاع | +2400% | 8 سنوات | 100 مليون دولار+ حالياً، تتجه إلى 10 مليارات دولار+ |
تكاليف الاستدلال (لكل رمز) | انخفاض | -99.7% | سنتان (نوفمبر 2022 – ديسمبر 2024) , | وحدات معالجة الرسوميات من NVIDIA أكثر كفاءة 105,000 مرة (2014 مقابل 2024) |
صراع الفلسفات: نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر مقابل مغلقة المصدر
الانقسام في تطوير الذكاء الاصطناعي
يحدد تقرير ميكر انقساماً واضحاً في مسار تطوير الذكاء الاصطناعي: بين النماذج المغلقة (مثل GPT-4 و Claude) والنماذج مفتوحة المصدر (مثل Llama و Mixtral) . تقدم النماذج المغلقة أداءً فائقاً وتفضلها الشركات الكبرى لضمان الجودة والتحكم، لكنها تفتقر إلى الشفافية وتعتمد على بنية تحتية مركزية ومكلفة . في المقابل، تعد النماذج مفتوحة المصدر أكثر سهولة في الوصول إليها، وتدعم الابتكار في اللغات المحلية والأدوات المجتمعية ومبادرات الذكاء الاصطناعي السيادية .
نمو النماذج مفتوحة المصدر
يشهد قطاع النماذج مفتوحة المصدر نمواً هائلاً. فقد شهد Meta Llama 1.2 مليار عملية تنزيل في 10 أسابيع فقط، ويستضيف Hugging Face وحده 1.16 مليون نموذج ذكاء اصطناعي . يفضل المطورون بشكل متزايد النماذج مفتوحة المصدر لقدرتها على التخصيص لسيناريوهات استخدام محددة، والتشغيل المحلي دون الاعتماد على واجهات برمجة التطبيقات الخارجية، والضبط الدقيق على البيانات الخاصة، وتجنب قيود البائع، والتحكم في التكاليف . الأهم من ذلك، أن الفجوة في الأداء بين النماذج المفتوحة والمغلقة تتقلص بسرعة؛ على سبيل المثال، يسجل DeepSeek R1 93% مقابل 95% لـ OpenAI o3-mini في معايير الرياضيات .
التهديد على تحقيق الدخل
هذا الانفجار في النماذج مفتوحة المصدر يعني أن مزودي النماذج المغلقة يفقدون قوة التسعير، مما يضع ضغطاً كبيراً على نماذج أعمالهم . كما أن الحاجز أمام تطوير الذكاء الاصطناعي يتراجع بشكل كبير، مما يؤدي إلى تحول الابتكار نحو طبقة التطبيق بدلاً من طبقة النموذج الأساسي . هذا يعني أن دمج الذكاء الاصطناعي في المنتجات والخدمات القائمة، أو إنشاء تطبيقات جديدة تماماً تعتمد على النماذج المتاحة، هو ما سيحدد الفائزين في السوق.
إن انخفاض تكاليف الاستدلال وانتشار النماذج مفتوحة المصدر يؤدي إلى دمقرطة الذكاء الاصطناعي. هذا يجعل تطوير الذكاء الاصطناعي ميسور التكلفة للمطورين المستقلين والشركات الناشئة . فعندما يصبح الوصول إلى التقنية الأساسية أرخص وأسهل، فإن الابتكار ينتشر ويتسارع في طبقات التطبيق. هذا يعني أن الابتكار لم يعد حكراً على الشركات الكبرى ذات الميزانيات الضخمة، بل يمكن لأي شخص لديه فكرة جيدة أن يطور تطبيقاً قوياً، مما يزيد من المنافسة ويخلق سوقاً أكثر تنوعاً وابتكاراً.
علاوة على ذلك، فإن النماذج مفتوحة المصدر تدعم مبادرات الذكاء الاصطناعي السيادية واللغات المحلية . يصف التقرير هذا بأنه “صراع فلسفات” بين الحرية والتحكم، السرعة والسلامة، الانفتاح والتحسين. هذا مهم للدول التي لا ترغب في الاعتماد على نماذج مغلقة من قوى أجنبية، حيث يمكنها الآن تطوير نماذجها الخاصة باستخدام المصادر المفتوحة، مما يعزز أمنها السيبراني وقدرتها على التحكم في بياناتها. هذا يحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة للقوة الجيوسياسية، حيث تسعى الدول إلى تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي لضمان قيادتها المستقبلية وتجنب التبعية التكنولوجية، مما يجعل هذا الصراع ذا أبعاد استراتيجية عميقة.
الصين: قوة صاعدة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي
النماذج الصينية التنافسية
تبرز الصين كقوة صاعدة لا يمكن تجاهلها في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي. فقد أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية قدرة تنافسية عالية، فنموذج DeepSeek R1 يؤدي بنسبة 93% من أداء OpenAI o3-mini بجزء بسيط من تكلفة التدريب. كما يتفوق Alibaba Qwen 2.5-Max على DeepSeek و ChatGPT في المعايير الرئيسية، و Baidu Ernie 4.5 أرخص بنسبة 80% من سابقه، ويكلف 0.2% فقط من GPT-4.5 . تقود الصين أيضاً في إصدارات نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وتسيطر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المحلية على السوق الصيني . وقد ارتفعت حصة DeepSeek العالمية من مستخدمي نماذج اللغة الكبيرة (LLM) من 0% إلى 21% في غضون أشهر قليلة .
الريادة في الروبوتات الصناعية
تتجاوز ريادة الصين في الذكاء الاصطناعي النماذج البرمجية لتشمل العالم المادي. فالصين لديها عدد من الروبوتات الصناعية المثبتة أكثر من بقية العالم مجتمعة، مما يعكس استثماراً هائلاً في الأتمتة الصناعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي .
الذكاء الاصطناعي كأولوية جيوسياسية
ترى الصين أن التفوق في الذكاء الاصطناعي ضروري للقيادة الجيوسياسية العالمية، مما يشكل منافسة هائلة لشركات SaaS التي تبني منتجات مدعومة بالذكاء الاصطناعي . ويعتمد المستهلكون الصينيون بشكل أساسي على منصات الذكاء الاصطناعي المحلية، مما يعزز من قوة الشركات الصينية في سوقها الخاص .
إن قدرة الصين على إنتاج نماذج ذكاء اصطناعي تنافسية بتكاليف أقل وريادتها في المصادر المفتوحة والروبوتات الصناعية تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة معركة جيوسياسية جديدة. فالمنافسة في الذكاء الاصطناعي ليست مجرد منافسة تجارية، بل هي صراع على النفوذ العالمي، حيث يمكن للريادة التكنولوجية أن تحدد القيادة الاقتصادية والعسكرية والسياسية في العقود القادمة . القدرة على تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بكفاءة وبتكلفة منخفضة تمنح الدول ميزة استراتيجية واقتصادية، مما يؤثر بشكل مباشر على ميزان القوى العالمي.
كما أن هذه الريادة الصينية تشكل تحدياً كبيراً لـ “الخندق” التكنولوجي الأمريكي. فميكر تحذر من أن عمالقة الذكاء الاصطناعي الأمريكيين قد يخسرون ميزتهم التنافسية أمام المنافسين الصينيين الأرخص والأسرع. إذا تمكنت الشركات الصينية من تقديم أداء مماثل بتكاليف أقل، فإنها ستجبر الشركات الأمريكية على خفض الأسعار أو المخاطرة بفقدان حصتها في السوق، خاصة في الأسواق العالمية التي تتسم بحساسية عالية للسعر. هذا يضع ضغطاً هائلاً على نماذج عمل الشركات الأمريكية التي تعتمد على أسعار أعلى أو تفوق تكنولوجي كبير، مما يستلزم ابتكاراً مستمراً أو التركيز على مجالات لا يمكن تقليدها بسهولة، مثل البيانات الخاصة أو التكامل العميق مع العملاء، للحفاظ على ميزتها التنافسية.
الذكاء الاصطناعي والعمل: تحول جذري في الإنتاجية والوظائف
تغير سوق العمل
يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في سوق العمل. فقد ارتفعت إعلانات الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 448% خلال سبع سنوات، بينما انخفضت وظائف تكنولوجيا المعلومات غير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 9% في نفس الفترة . كما زادت مسميات الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 200% خلال عامين فقط، مع إنشاء أكثر من 60,000 مسمى وظيفي جديد . وتتبنى شركات رائدة مثل Shopify و Duolingo استراتيجيات “الذكاء الاصطناعي أولاً”، مما يجعل استخدام الذكاء الاصطناعي “توقعاً أساسياً” للموظفين.
تحسين الإنتاجية
يُسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بشكل كبير. فمثلاً، زادت إنتاجية وكلاء دعم العملاء بنسبة 14% بفضل الذكاء الاصطناعي، وهناك تبنٍ واسع النطاق للذكاء الاصطناعي من قبل الأطباء الذين يستخدمون مساعدي الذكاء الاصطناعي في مهامهم اليومية . يحل الذكاء الاصطناعي مشاكل سير العمل التي لا يستطيع البشر توسيع نطاقها، مما يوفر تعزيزاً يجعل المهام التي كانت مستحيلة في السابق ممكنة . وقد أدى هذا التحول إلى تغيير في معايير التوظيف، حيث يبحث الرؤساء التنفيذيون الآن عن أفراد يمكنهم التكيف بسرعة مع التغيير ووضع خطط ملموسة في غضون ساعات، بدلاً من التركيز على الخبرة التقليدية .
الرسالة التحذيرية التي يشدد عليها التقرير واضحة: “لن تفقد وظيفتك بسبب الذكاء الاصطناعي، ولكنك ستفقد وظيفتك بسبب شخص يستخدم الذكاء الاصطناعي” . هذا يؤكد على ضرورة اكتساب المهارات الجديدة والتكيف مع الأدوات الذكية للبقاء قادرين على المنافسة في سوق العمل المتطور.
إن الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تحول من أتمتة المهام الروتينية إلى أتمتة الإدراك. فبينما كان التركيز سابقاً على أتمتة المهام المتكررة، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم يحسن الإنتاجية بشكل كبير ويحل مشاكل سير العمل المعقدة، مما يعني أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكنها الآن أن تفكر وتخلق وتحل المشكلات . هذا يغير جوهر العمل البشري ويتطلب إعادة تعريف للمهارات المطلوبة في القوى العاملة، مع التركيز على التعاون مع الذكاء الاصطناعي، والإشراف، وتدريب الأنظمة، بدلاً من مجرد أداء المهام الروتينية. هذا التحول يفرض ضغطاً على أنظمة التعليم والتدريب لإعداد القوى العاملة لواقع جديد حيث التعلم المستمر والقدرة على التكيف مع التغيير التكنولوجي هما المفتاحان للنجاح الوظيفي.
تحولات سوق العمل بفعل الذكاء الاصطناعي
المؤشر | نسبة التغيير | الفترة الزمنية | ملاحظات |
---|---|---|---|
إعلانات وظائف الذكاء الاصطناعي | +448% | 7 سنوات | نمو هائل في الطلب على المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي |
إعلانات وظائف تكنولوجيا المعلومات غير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي | -9% | 7 سنوات | تراجع في الوظائف التقليدية |
مسميات الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي | +200% | سنتان | إنشاء أكثر من 60,000 مسمى وظيفي جديد |
تحسين الإنتاجية (مثال: وكلاء دعم العملاء) | +14% | غير محدد | الذكاء الاصطناعي يعزز كفاءة الأداء البشري |
الذكاء الاصطناعي في العالم المادي: من البرمجيات إلى الواقع
تسارع التطبيقات في العالم الحقيقي
يتجاوز تأثير الذكاء الاصطناعي التطبيقات البرمجية ليشمل العالم المادي بوتيرة متسارعة. فالمركبات ذاتية القيادة تتوسع بسرعة، حيث قطعت Tesla FSD أكثر من 4 مليارات ميل ذاتي القيادة، واستحوذت Waymo على 27% من حجوزات مشاركة الركوب في سان فرانسيسكو خلال 20 شهراً . وتظهر التطبيقات الصناعية تأثيراً كبيراً في العالم الحقيقي، مثل Carbon Robotics التي تزيل الأعشاب الضارة من أكثر من 230 ألف فدان باستخدام الليزر المدعوم بالذكاء الاصطناعي، و Tesla Dojo الذي حقق زيادة قدرها 8.5x في قدرة تدريب الذكاء الاصطناعي. كما يتجلى الذكاء الاصطناعي في الدفاع (Anduril)، والتعدين (KoBold Metals)، والزراعة الحديثة (Halter).
خلق مجموعات بيانات خاصة
يُعد الذكاء الاصطناعي في العالم المادي فريداً من نوعه في قدرته على توليد مجموعات بيانات خاصة يصعب على الذكاء الاصطناعي المعتمد على البرمجيات فقط تكرارها. هذا يبني “خنادق” تنافسية قوية من خلال النشر في العالم الحقيقي . فكل نشر للذكاء الاصطناعي المادي يجعل النظام أكثر ذكاءً لجميع عمليات النشر اللاحقة، مما يؤدي إلى مزايا متراكمة يصعب على المنافسين اللحاق بها .
إن هذا الاندماج للذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة والروبوتات الصناعية والزراعة يعني أن الذكاء الاصطناعي يحول الأصول المادية إلى نقاط نهاية برمجية. هذا التحول يعني أن الكفاءة والقيمة في الصناعات التقليدية ستعتمد بشكل متزايد على البرمجيات والذكاء الاصطناعي المدمج في الأجهزة المادية . هذا يفتح أسواقاً جديدة ضخمة للذكاء الاصطناعي في قطاعات لم تكن رقمية بالكامل من قبل، ويخلق ميزة تنافسية للشركات التي يمكنها جمع وتحليل البيانات من العالم المادي لتحسين أنظمتها بشكل مستمر.
في ظل انهيار “الخنادق” التنافسية التقليدية التي كانت تعتمد على السبق البرمجي، تصبح البيانات الخاصة التي يتم جمعها من التفاعلات في العالم الحقيقي مصدراً حاسماً للميزة التنافسية. فبينما تصبح نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية سلعاً أساسية، فإن الشركات التي يمكنها نشر الذكاء الاصطناعي في العالم المادي لجمع بيانات فريدة (مثل بيانات القيادة الذاتية أو بيانات الروبوتات الزراعية) ستبني “خنادق” يصعب على المنافسين تجاوزها، مما يمنحها ميزة مستدامة في سوق الذكاء الاصطناعي التنافسي.
الموجة القادمة: مليارات المستخدمين الجدد “المعتمدين على الذكاء الاصطناعي أولاً”
السكان غير المتصلين بالإنترنت
يشير التقرير إلى فرصة نمو هائلة وغير مستغلة تتمثل في 2.6 مليار شخص (32% من سكان العالم) لا يزالون غير متصلين بالإنترنت . من المرجح أن يتصل هؤلاء المستخدمون الجدد بالإنترنت عبر الإنترنت الفضائي منخفض التكلفة، مثل Starlink الذي يمتلك بالفعل أكثر من 5 ملايين مشترك.
تجربة الذكاء الاصطناعي أولاً
سيشكل هؤلاء المستخدمون الجدد موجة فريدة، حيث سيتجاوزون تجارب الإنترنت التقليدية التي تعتمد على المتصفحات، ومتاجر التطبيقات، وكتابة الاستعلامات. وبدلاً من ذلك، سيبدأون رحلتهم الرقمية باستخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي الصوتيين والتفاعلات باللغة الأم . ويُلاحظ بالفعل تبنٍ هائل للذكاء الاصطناعي في مناطق مثل الهند (14% من مستخدمي ChatGPT العالميين) وإندونيسيا (6%) .
تغيير ديناميكيات النمو
الشركات التي تستحوذ على هؤلاء المستخدمين “المعتمدين على الذكاء الاصطناعي أولاً” ستقود الموجة التالية من نمو الإنترنت، حيث تصبح مزايا المنصات التقليدية أقل أهمية . هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي، بالاقتران مع الإنترنت الفضائي، يمثل جسراً لسد الفجوة الرقمية العالمية. فالجمع بين الوصول الجديد للإنترنت وواجهات الذكاء الاصطناعي الطبيعية (الصوتية واللغوية) يزيل حواجز الدخول التقليدية، مثل الحاجة إلى معرفة القراءة والكتابة أو استخدام لوحة المفاتيح. هذا يمكن أن يسد الفجوة الرقمية بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعاً، ويفتح أسواقاً ضخمة جديدة للخدمات الرقمية، ولكنه يتطلب من الشركات تصميم منتجاتها لتكون “ذكاء اصطناعي أولاً” و”لغة أم أولاً”.
هذا التحول الجذري في طريقة وصول المستخدمين الجدد إلى الإنترنت يتطلب أيضاً تغييراً جذرياً في استراتيجيات اكتساب المستخدمين. فالشركات التي نجحت في الماضي من خلال تحسين محركات البحث أو الظهور في متاجر التطبيقات قد تجد أن هذه الاستراتيجيات أقل فعالية مع ظهور المستخدمين “المعتمدين على الذكاء الاصطناعي أولاً” [5, 4]. يتطلب هذا تحولاً في استراتيجيات التسويق واكتساب المستخدمين نحو بناء وكلاء ذكاء اصطناعي تفاعليين، والتركيز على التفاعل الصوتي واللغوي الطبيعي، وتطوير نماذج أعمال تتكامل مع هذه الواجهات الجديدة لضمان الوصول إلى هذه الشريحة الضخمة من المستخدمين الجدد.
الدروس المستفادة والتوقعات المستقبلية
السرعة هي كل شيء
الدرس الأهم الذي يشدد عليه تقرير ماري ميكر هو أن “السرعة هي كل شيء” . فدورة التكنولوجيا الحالية تتحرك بوتيرة أسرع من أي شيء في تاريخ البشرية. الشركات التي تتكيف بسرعة أكبر ستحصل على قيمة غير متناسبة، بينما تلك التي تنتظر ستتعرض للاضطراب من قبل المنافسين الأصليين للذكاء الاصطناعي الذين يتمتعون بمزايا إنتاجية 10 أضعاف . هذا يعني أن القدرة على الابتكار والتنفيذ السريع أصبحت هي العامل الحاسم في النجاح.
التحديات والمخاطر
على الرغم من الإمكانات الهائلة، يحدد التقرير مخاوف جدية تتعلق بالذكاء الاصطناعي، مثل التحيز، والمعلومات المضللة، والسلوك غير المتوقع . ويشدد على الحاجة إلى قواعد واضحة، وقيادة صادقة، وأنظمة أكثر ذكاءً لإدارة النمو السريع للذكاء الاصطناعي . كما أن التقييمات المرتفعة للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، المقترنة بحرق نقدي كبير، تثير تساؤلات حول الربحية المستدامة على المدى الطويل .
الفرص المستقبلية
يتوقع التقرير أن الذكاء الاصطناعي سيولد قيمة اقتصادية غير مسبوقة، مع ظهور شركات متعددة بقيمة 10 تريليونات دولار، ولن تقتصر هذه الشركات على أمريكا الشمالية . كما يشير إلى إمكانية الوصول إلى سوق يضم 5 مليارات مستخدم بسهولة لم يسبق له مثيل . بشكل عام، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل كيفية إنجاز العمل، وكيفية نشر رأس المال، وكيفية تعريف القيادة – عبر الشركات والدول [3, 4].
إن استخدام التقرير المتكرر لكلمة “غير مسبوق” (51 مرة) يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد “تقنية” أخرى، بل هو “حدث حضاري”. فميكر تقارن الذكاء الاصطناعي بالإنترنت، وتقول إنه في العقد أو العقدين القادمين، سيكون تخيل عالم بدون ذكاء اصطناعي مماثلاً لتخيل عالم بدون إنترنت اليوم. السرعة الهائلة للتبني والتأثير على كل جانب من جوانب الاقتصاد والمجتمع (من العمل إلى البنية التحتية إلى التفاعل البشري) تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تطور، بل هو تحول أساسي يعيد تعريف الحضارة. هذا يعني أن القادة والشركات والحكومات يجب أن تتعامل مع الذكاء الاصطناعي كقوة تحويلية تتطلب استراتيجيات شاملة، وليس مجرد استثمارات تكنولوجية.
على الرغم من الإمكانات الهائلة، فإن التقرير يحذر من المخاطر الكامنة في “الاندفاع نحو الذهب” في مجال الذكاء الاصطناعي. فتقييمات الشركات العالية والحرق النقدي الكبير، بالإضافة إلى التحذيرات من “الفقاعة”، تستدعي دروساً من الدورات التكنولوجية السابقة . فميكر تقارن الوضع الحالي بشركات مثل أمازون وأوبر وتسلا التي عانت من خسائر كبيرة قبل تحقيق الربحية، ولكنها تحذر المستثمرين من “الاستثمار فقط فيما هم مستعدون لخسارته” وتبني نهج المحفظة . على الرغم من الإمكانات الهائلة، فإن المنافسة الشرسة، وتكاليف التدريب المرتفعة، وعدم اليقين بشأن نماذج تحقيق الدخل المستدامة، تعني أن العديد من الشركات الحالية قد لا تنجو. هذا يشير إلى أن السوق سيشهد “هزة” كبيرة، وأن الفائزين النهائيين قد لا يكونون بالضرورة اللاعبين الحاليين، مما يتطلب حذراً استثمارياً وتركيزاً على الاستدامة طويلة الأجل بدلاً من النمو الأعمى.
ابق على اطلاع بأحدث أدوات الذكاء الاصطناعي!
لقد قدم تقرير ماري ميكر لعام 2025 لمحة شاملة عن التحولات غير المسبوقة التي يشهدها عالم الذكاء الاصطناعي. للبقاء في طليعة هذه الثورة التكنولوجية واكتشاف الأدوات التي تشكل المستقبل، ندعوك لاستكشاف المزيد من مراجعات أدوات الذكاء الاصطناعي على موقعنا.